قانون باريتو Pareto
ربما تكون قد سمعت بقانون 80/20 المقترح أصلاً من قبل فلفريدو باريتو Vilfredo) Pareto). عندما يطبّق هذا القانون على وقت العمل تكون النتيجة كالتالي:
"تمضي عشرين في المئة من وقتك تقوم بأعمال تُحسب نتائجك فيها بثمانين في المئة، وتمضي ثمانين في المئة من وقتك تقوم بأعمال تُحسب نتائجك فيها بعشرين في المئة".
إذا كان الوضع كذلك، فهذا القانون يقترح ثلاثة عناصر لمشكلة الأولويات:
• ما هي المهام التي تتطلب قوة إداء عالية وتحسب ثمانين في المئة من نتائجك؟
• كيف تستطيع قضاء وقت أكبر في تأدية تلك المهام التي تتطلب قوة أداء عالية؟
• كيف تستطيع إتمام كل المهام الباقية في وقت أقل؟
ما هي المهام التي تتطلب قوة أداء عالية؟
إن المهام التي تتطلب قوة أداء عالية هي تلك الأجزاء الصغيرة من عملك؛ حيث يُحدث إمضاء وقت قصير في أدائها فرقا كبيرا على المدى البعيد. لا تقم بتضمين عناصر سلبية كتجنّب الأخطاء، مع أنها قد تبدو فكرة مهمة بالنسبة لك. لأن القائمة ستختلف من عمل لآخر، ولكنها في النهاية ستشمل ما يلي:
• التخطيط: التفكير في عملك وأهدافك، والتخطيط لشهر، أو ليوم، أو لاجتماع، إلخ.
• تعلّم مهارة جديدة، أو اكتساب معرفة تساعدك على القيام بعملك.
• الانتداب: وضع أهداف للآخرين. كسب التزامهم. تدريبهم وتحفيزهم.
• بناء علاقات مع العملاء، والموردين، والزملاء، بالاضافة إلى تحفيز الأشخاص.
• إعداد الأنظمة، بدءاً من الأنظمة المعقدة المستندة إلى الحاسوب إلى الأنظمة الشخصية البسيطة: كتنظيم مكتبك على سبيل المثال.
تظهر آثار النشاطات التي تتطلب قوة أداء عالية على المدى الطويل، بينما تظهر آثار النشاطات التي تتطلب قوة أداء منخفضة على المدى القصير. ولنضرب الآن مثالاً كلاسيكياً لنشاط يتطلب قوة أداء عالية ليكن: منع حدوث حريق، ومثالاً كلاسيكياً لنشاط يتطلب قوة أداء منخفضة ليكن: محاربة الحريق؛ ومن هنا يمكننا الاقتراب من صميم المشكلة.
تتم مناقشة كل من هذه النشاطات بشكل تفصيلي في مقام آخر، ولكن حاول الآن التفكير للحظة في أنك تقضي أسبوعاً مثالياً وأنت تقوم جسدياً بهذه المهام التي تتطلب قوة أداء عالية. هل تستطيع-بكل صدق- أن تقوم بعشرين في المئة من تلك المهام، أم ستكون النسبة أقل من ذلك؟
تستطيع هذه النشاطات التي تتطلب قوة أداء عالية أن تحقق فرقاً حقيقياً على المدى البعيد.
لذا يجب أن تكون هذه الأنشطة هي بؤرة طاقتنا ووقتنا.
إن أصحاب الأعمال الكبار عديمو الرحمة بأولوياتهم: فهم واضحون جداً، وعلى هذا النحو أو ذاك، يتدبرون أمرهم لإعطاء تلك الأولويات وقتا أكبر بكثير.
لن تكون فعالاً إذا تغاضيت عن أولوياتك.
إعطاء وقت أكبر للمهام التي تتطلب قوة أداء عالية
كيف تستطيع قضاء وقت أكبر في أداء الأنشطة الخاصة بك والتي تتطلب قوة أداء عالية؟ في هذا الصدد، يُوصى بأن يتم تخصيص يوم العمل بأكمله لتنفيذ أولوية واحدة، وليس خمس أو عشر-فلا يمكن أن يكون لديك عشر أولويات- في الحقيقة إذا كان لديك عشر أولويات، فهذا يعني أنك ليس لديك أولويات أصلاً.
لا بد أنه لديك قائمة تذكير أو فحص للأعمال التي يجب أن تقوم بها، ولكن هذا لا يعني أنها قائمة لأولوياتك، كما لا يجب أن يختلط عليك الأمر. فمعظم الناس لديهم أولويات كثيرة؛ ولهذا السبب، لا يكون لديهم أية أولويات.
ضع نصب عينيك أولوية واحدة في اليوم، واعمل جاهداً للتأكد من أنه مهما يحدث من أزمات، فإنك ستتمكن من إحراز تقدم ملحوظ في تنفيذ تلك الأولوية في هذا اليوم، مما يجعلك في نهاية الأسبوع تشعر بأنك كنت أكثر فعالية.
هذا الأمر لن يغيّر حياتك. أعتقد أنك قد سمعت هذا الكلام من قبل، وهو واضح جداً، إذاً لماذا لا يزال معظم الناس يعانون من اختيار الأولوية الأقل؟ هذا هو ما يجعل موضوع إدارة الوقت يصبح أكثر إثارة للاهتمام.
في القسم التالي، ستجد ستة أفخاخ معروفة تمثل ستة أسباب تجعل الناس يتغاضون عن أولوياتهم.
استكشف حوافزك اللاشعورية وأضفها إلى القائمة. فنحن إذا فهمنا لماذا نؤمن بما نعمل، سَيَسهُل علينا اعتماد الحل الواضح والسهل.
لماذا يتغاضى الناس عن الأولويات؟
أولاً، ينبغي أن يعي الأشخاص أن عملهم لا يتم إنجازه أبداً - فأنت كمدير على سبيل المثال، لا يمكنك أن تكون أبداً على أحدث طراز. سوف يذكرك وعيك بتدقيقات جديدة كان عليك القيام بها، وسوف تقترح عليك مخيلتك احتمالات كان بإمكانك تطويرها.
وفي حال كان عليك في نهاية الأسبوع إعداد قائمتين: واحدة بكل الأعمال التي أنجزتها خلال الأسبوع، والأخرى بالأعمال التي ربما كان يجب أن تقوم بها، ولكنك لم تفعل، في أية قائمة يمكن أن تكون المهام التي تتطلب قوة أداء عالية؟ في الغالب ستكون كلها في القائمة الثانية بانتظار الأسبوع المقبل؛ لأنها لم تكن طارئة. إننا نقوم بالمهام الطارئة، ونهمل المهم. هذا هو لب المشكلة: ففي حال وقوع حريق في المبنى، فإنك تعرف ما العمل – ولكن مكافحة الحريق تتطلب قوة أداء منخفضة. فإذا كان كل ما كنت تفعله هو مكافحة الحريق، فهذا يدل على أنك غير فعال. إن العمل الحقيقي يتمثل فعلا في الوقاية من الحريق. هذا هو النشاط الذي يتطلب قوة أداء عالية. إن الفخ الأول هو الحالة الطارئة، والأزمات، والرعب.
الفخ الثاني يكمن في متعة مكافحة الحريق. فالهرولة مع ثلاثة هواتف ترن، وتنقل الناس داخل وخارج المكاتب هو أمر مثير. بينما الوقاية من الحريق هو أمر ممل: مما قد يعني إغلاق الباب والتفكير!
الفخ الثالث: إن بعض الشركات تقوم بترقية أشخاص وفقاً لمدى قدرتهم على مكافحة الحرائق، فمحاربو النيران الخبراء، ومفتولو العضلات يحتاجون إلى نيران لمحاربتها؛ فهم يعملون بشكل أفضل في جو الأزمات. وفي حال أصبحت الأمور هادئة قليلاً فإنهم يعكفون على إشعال النيران. أي شخص لديه رئيس كهذا، ينال شفقتي.
رابعاً- عدد كبير من الأشخاص تجذبهم المكافأة الفورية. إننا فعلاً نعجب بوهم التقدم الذي يأتي من خلال اختيار الأشياء من القائمة، ونميل للبدء بالأعمال السهلة؛ وبالتالي لا نجد وقتاً للأعمال الهامة.
خامساً- إننا نميل لتفضيل المهام المألوفة السهلة والمريحة. على سبيل المثال: قد يقضي المدير المالي خمس عشرة دقيقة يجمع الأرقام، أو يتحقق من الأرقام المضافة، وبالتالي العودة لا شعورياً إلى الأعمال المألوفة.
لنفترض أن مديرتنا المالية خسرت نقاشاً في اجتماع مجلس الإدارة، وواجهت توبيخاً وقحاً، بالطبع ستخرج بشعور محبط. عندئذ ستمضي خمس عشرة دقيقة تضيف أرقاماً-وهو عمل تجيد القيام به- وتعيد بناء ثقتها بنفسها وكبريائها، وهذا يساعدها على أن تحافظ على ماء الوجه بقية النهار.
نحن جمعياً لدينا هواياتنا، وأعمالنا المريحة، حيث نلجأ للاستراحة. ماذا تفعل حوالي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، عندما تشعر بإحباط خفيف وليس هناك أزمات فورية؟ سوف يكون أسوأ ما تحتمل المنتديات الصحية توقعه من الناس هو العودة إلى مهامهم الدنيوية غير النافعة-التي هي مألوفة لديهم، ولكنها ليست مفيدة للمنتدى الصحي- مما يؤدي إلى الفشل في القيام بعملهم الجديد وإحباط فريقهم ونشاط المنتدى الصحي ككل.
أخيراً، يوجد في قائمة أسباب الأولويات الضعيفة، سبب فيسيولوجي وهو: انخفاض معدل الأدرينالين. فبعد مرور ساعتين أو ثلاث على الأزمات، حينئذ يُضخ الأدرينالين بطريقة منخفضة، ويخف الضغط ونعود إلى المكتب، ولا يحدث شيء. هذه ظاهرة معترف بها. إن الأدرينالين هو جزء من آلية المقاومة في الجسم، يُجهزنا لنشاط جسدي طارئ. إذا كانت جهودنا عقلية تماماً، فسنحتاج لتفريق الأدرينالين من خلال التمرين الجسدي؛ ولذا حاول أن تقوم بجولة على الأقدام بعد حدوث الأزمة. كما يمكن أن يكون للوضوء هنا تأثير مهدئ.
كيف يمكن إنجاز مهام تتطلب قوة أداء منخفضة في وقت أسرع؟
عد بذاكرتك إلى عطلتك الرئيسية الأخيرة. ماذا حدث في مكان عملك في اليوم السابق لذهابك؟ أنا متأكد من أنك كنت يومها عديم الرحمة! لقد مررت على كل بنود القائمة، وقمت بالأعمال، وانتدبت، وألغيت أشياء. لماذا لا يتم العمل بهذه الطريقة بشكل طبيعي ويتم توفير وقت أكبر للمهام التي تتطلب قوة أداء عالية؟
عندما يكون الضغط عالياً حقا، تصبح الأولوية الحقيقية واضحة. وربما يكمن الحل في تخصيص أوقات ملحوظة للأنشطة التي تتطلب قوة أداء عالية. وبالتالي يكون الضغط في المهام أخرى.
الخلاصة
من السهل أن يكون المرء منشغلاً-بإمكان أي أحمق أن يكون منشغلاً- ولكن من المؤكد أنه ليس من المفترض بك أن تكون منشغلاً؛ بل من المفترض أن تكون فعالاً، وكونك فعالاً يعني قيامك بالأعمال الصحيحة. إن لم تكن تقوم بالأعمال الصحيحة لا يهم مدى اجتهادك في العمل.
أوضح الفيلسوف الأميركي زيجي زيجلر Ziggy Ziggler الأمر توضيحاً كاملاً حيث قال:
"دع سفاسف الأمور وابدأ دوماً بعليائها".
سوف يكون الذعر دائماً موجوداً، ولكن في كل مرة تطرأ فيها الأزمات، عليك القيام بأمرين: أولاً: التعامل مع المشكلة الفورية. وثانيا: أن تسأل نفسك: ماذا بإمكانك أن تفعل لمنع وقوع أزمة كهذه مرة أخرى؟ وفي حال كان هذا الأمر خارجاً عن سيطرتك، ماذا بإمكانك أن تفعل لتخفيف تأثيره في حال وقوعه مرة أخرى؟ لا شك أن هذا هو النشاط الذي يتطلب قوة أداء عالية.
يطلق اليابانيون على هذا: "الاستفهامات الخمسة"؛ فعندما تطرأ مشكلة تسأل: "لماذا حدث هذا"؟ وعندما تحصل على إجابة تسأل: "لماذا حدث هذا"؟ وهكذا دواليك، حتى تصل إلى المستوى الخامس، فتحاول تحديد المشكلة الحقيقية الكامنة في كل مرة، لتتمكن من حلها في حال حدوثها مرة أخرى.